ولدت ماريا سكوودوفسكي في 7 نوفمبر 1867في «ارسو».عاصمة «بولندا ،و كانت ماريا الابنة الصغرى من بين خمس أطفال لابوين من المعلمين و كان جدها من ابوها معلما في لوبلين(مدينة في بولندا) وكانت امها تعاني من مرض الدرن(مرض السل) الذي أودى بحياتها و بعد عامين توفيت اختها الكبرى بمرض التيفوس(الحمى المنشيه و هو مرض تسببه بكتريا الكساح) دخلت ماريا في صدمه بسبب موت امها و اختها فنعزلت عن العالم فقرر ابوها إرسالها إلى اقاربة في الريف فقضت ماريا أجمل أيامها هناك فكانت ترقص حتى الصباح رجعت ماريا إلى منزلها انسانه أخرى التحقت ماريا بالمدرسة الداخلية في عمر العشر شنوات ثم التحقت بمدرسة أخرى للبنات و تخرجت منها
فقدت عائلتها كل املاكها و ثروتها بسبب انخراط في العمل و الوطني مما جعل ماريا و اخواته يعاونون ماديا لمواصلت طريقتهم في الحياة اتفقت ماريا و اختها على أن تسافر اخت ماريا إلى باريس و تدرس الطب و ماريا تعمل و تعطيها المال و عندما تكمل. ماريا تسافر إلى باريس و تدرس و اختها تساعدها في المصاريف عملت ماريا في البيوت كمدرسة خاصه في احد البيوت فوقعت في حب احد الشباب تلك العائلة وهو كازيمير تسورافكسي(الذي أصبح عالم كبير في الرياضيات) ولاكن عائلته رفضت وتخلت عن خدمات ماريا
وفي سنة1891 قررت «ماري ، السفر إلى باريس و الالتحاق باختها،وقد شعرت بأنها ما خلقت لتعيش حياة بسيطة عادية ، بل تعيش للعلم والبحث ، وجمعت كل ما إدخرته وابتاعت تذكرة درجة ثالثة وسافرت إلى« باريس »وحملت معها فراشا وملابس للنوم واتجهت إلى السوربون مباشرة باسم ماري، وهي في الرابعة والعشر من عمرها. ومن تلك الأيام اخذت «ماري ، العلم ديناً لها وتميزت أيامها الدراسية تلك بفترة الكفاح والحرمان. إذ إضطرت الفتاة منذ اليوم الأول إلى استئجار غرفة صغيرة على سطح أحد المنازل وظروف عيشتها القاسية اليوم لو رويت بكل تفاصيلها بدت أشبه بالقصص الخيالي ولكن بعضها كاف ليدل على أن هذه الطالبة المجتهدة خلقت للكفاح حتى النفس الأخير. الأموال التي تملكها لا تسدد أكثر من مصاريف ترسيمها بالجامعة وبعض ضرورات حياتها لفترة قصيرة ، ولم تكن في ليالي الشتاء القارة تستطيع أن تدفع من وسائل التدفئة. انها لتذكر كيف انها ذات ليلة وقد اشتدت عليها وطاة البرد كدست فوق جسدها الهزيل على السرير كل ما كانت تحتوي على غرفتها من أغطية وثياب وأثاث بما في ذلك المقعد الوحيد لعل أثقال تلك الحاجات تخفف عنها شيئا من البرد. وصادف أن أصابتها يوما نوبة من الإغاء أثناء المحاضرات ، تبين أن سببها الجوع ، وعندما حملوها إلى غرفتها أدركوا أنها لم تتناول شيئا من الطعام يوما كاملا ، ولم تكن غرفتها تحتوي من مواد التغذية على أكثر من علبة من الشاي. كان الخبر والشكولاتة غذاءها طيلة أسابيع برمتها. ولكن هذه الحالة المزرية من الجوع لم تستطع أن تؤثر في صلابة هذه الفتاة وعزيمتها الفولاذية أو تحطم روحها المعنوية. لأنها كانت سعيدة لأنها تابع دراسة محببة فعندما استطاعت أن تشكل مختبر اعتبرته مكانا مقدساً تقوم بمفردها بتنقية الراديوم واستخلاصه من الشوائب وكي تواصل هذا المشوار ، ولكي تفعل من الحصول على المورد الذي يجعلها تتابع دراستها ، كانت تقوم بغسل الزجاجات وأنابيب الإختبار ، ومراقبة وملاحظة أفران معمل المعهد. وقد تمكنت "ماري" من العمل في هذه الظروف القاسية عامين إلى أن جاء شهر جويلية 1893 وظهر اسمها في أول قائمة الناجحين إذ حقق المرتبة الأولى بين جميع ملائها ونالت إجازتين جامعتين في العلوم والرياضيات وعملت في مختبر الصناعي وتعرفت على العالم الفرنسي بيير الذي كان مشهور بابحاثه في العلوم الطبيعية وكان في الخامسة والثلاثين من العمر عندما قابل ماري لأول مرة و تحدثت إليه عن أبحاثها وتجاربها نظر إلى آثار الحروق التي تركتها المواد الكيماوية على أصابعها ، ثم إلى وجهها الوديع الجميل ، فأحس بالتجاوب العاطفي القوي. فلم يستطع إخفاء دهشته وإعجابه لسماع الحديث العلمي السلس الممتع من شفتي شابة رقيقة مثل التي أمامه وشعر بأنهما متقاربان عاطفيا. ومرت الأيام وقوية أواصر الصداقة بينها ، وما كان منه إلا أن عرض الزواج عليها ، وأخبرها انه يحتاج إلى صحبتها والعمل إلى جانبها ثم عادت إلى مسقط رأسها بولندا وأقامت فترة قصيرة هناك فأرسل بيير رسالة لها قائلا: «لا بد أن نعيش جنبًا إلى جنب لتحقيق أهدافنا العلمية والانسانية إنني أنتظرك ..»و بعدها قدمة لها منحة مالية من بلادها تكفيها لمصاريف عام واحد ، ولكنها تبرعت بالمال إلى بعض الطلبة الفقراء. وعادت «ماري» بعد ذلك إلى باريس ، وانكبت على تجارب حول الخواص المغناطيسية للحديد وعملت مع بيير و في عام 1895 تزوجة ماري من بيير وكانا يعملان معا كانهما يمثلان شخصاً واحدًا ، ذلك لأن «بيير وماري ، ظلا يعملان معا أحد عشر عاماً توصلا فيها إلى اكتشاف عدة عناصر أهمها:« البولونيوم »و« الراديوم » وقبل أن ننطلق مع رحلة المتعة والعذاب في البحث والتجارب ، لا بد أن نذكر ولو فقرة وجيزة عن زواج بيير و ماري وكيف كان موفقا إلى أبعد الحدود ، إذًا عرفت ماري كيف تقسم أوقاتها بحكمة بين واجباتها العائلية والتزاماتها العلمية. فكانت الأم العطوف على أبنائها. وكانت نعم الزوجة في البيت وأنشط الباحثين في المختبر ففي عام 1897 ولدت ماري ابنتها ايرين. كانت «مدام كوري» كما أصبحت تسمى ، قد حصلت قبل ذلك على درجة الماجستير في الطبيعة والرياضيات وكانت منهمكة في أبحاثها عن الصلب ثم تعلقت همتها بنيل شهادة الدكتوراه ، ولهذا الغرض كان عليها أن تتقدم للجنة الإمتحان ببحث خاص يسمى «الرسالة ، على أن يكون بحثا مبتكرا يضيف جديدا إلى الرصيد العلمي في العالم. وكان بيير وماري گوري قد اهتما فترة من الزمن ببحث بدأه قبلهما عالم فرنسي يدعى «بگریل» عرض فيه معدن نادر يسمى ، اليورانيوم ، واكتشف أنه يبعث أشعة دون أن تتعرض للشمس قريبة الشبيه بالأشعة السينية. تحدث آثارا على اللوحة الفوتوغرافية عند لفها بورق أسود. وقد ظل گوري وزوجته يتساءلآن عن أشعة اليورانيوم وما اهميته وتتطارحان بقية الأسئلة العديدة التي حيرتهما. وهكذا قررا أن یكون هذا البحث موضوع «ماري» لرسالة الدكتوراه. وكان هذا الموضوع من أحدث الأبحاث العلمية. وبدات «مدام گوري» تجاربها ، وكانت كلما تقدمت خطوة إلى الأمام إلا واكتشفت ظاهرة فيزيائية جديدة ، وتوالت التجارب على مواد عديدة ، وتبين لها أن لبعضها فعالية كامنة برغم من أن المدرسة الأساتذة العليا لم تقدم لهم أي تمويل لكن حصلا على بعض الدعم من شركات الصناعات المعدنية و بعض المنظمات الحكومية وكان بيير يقف إلى جانبها بكل ما أوتي من عبقرية وصبر وعقدا العزم على أن يثبتا للعالم وجود مادة جديدة هي السبب في وجود هذا الإشعاع مع ضرورة تعيين وزنها الذري. ومن أجل الوصول إلى هذه النتيجة ظل الزوجان أربع سنوات يحليلان و يصفيان مزيجا من الصخور المعدنية المسحوقة لاستخراج المادة المطلوبة. وتمكنا من اختزال کمية تزن طنا من خام و اليورانيوم »في خمسين كيلو غراما. وفي جويلية عام 1898 توصل الزوجان إلى عزل عنصر جدید تبلغ درجة فاعليته ثلاثمائة ضعف درجة فاعلية اليورانيوم وكان ذلك هو البولونيوم كما أسمته ماري نسبة إلى بلادها بولندا. التي ظلت محبه لها ومخلصة على الدوام. كانت أيام البحث أيام بطولة مشهودة ذاق الرفيقان أثناءها قسوة الكفاح المرير ، ولكن سحر البحث لم يدع لها وقتا للتفكير في أي أمر آخر. فقد كان موضوع أحاديثهما في الليل والنهار ومحور أحلامهما ومبعث آمالهما هو کشف أسرار هذا الاشعاع. كانت ماري تجمع الأجزاء المستخرجة من عمليات التحليل الكيماوية في قوارير بلورية صغيرة. وذات يوم رجع الزوجان إلى منزلهما في المساء ، ودخلا المختبر المظلم دون إشعال الضوء ، وإذا بالوعاء الزجاجي ينبثق منه نور في الظلام و كانت هذه إشارات الفوز. لقد أثمر أخيرا كفاحهما المشترك وتوصلا إلى اكتشاف العنصر الجديد وهو مسحوق أبيض كثيف يشبه ملح الطعام ذلك هو «الراديوم» وفي عام 1903 حصلت ماري على شهادة الدكتوراء وبعد بضعت اشهر حصلا بالتناصف مع زوجها و العالم بيكريل على جائزة <نوبل>في الفيزياء عن اكتشافهما العنصر العظيم الذي تبلغ فاعليته ضعف فاعلية اليورانيوم مليوني مرة. وفي غمرة المجد والسعادة بالانتصار على جانب مهم من خفايا الطبيعة ، بلغ ماري نبا مشؤوم ، مفاده أن شريك حياتها بشقائها وانتصاراتها ، داسته عربة ثقيلة وسحقت عجلاتها رأسه. تلقت «ماري ، الصدمة بشجاعة. وتذكرت يوم قالت له وهي في نشوة السعادة: «لقد خُلقنا لنعيش معا ونعمل معاً يا« بيير ، فلا يجوز لأحدنا أن يموت دون أن يلحق به الآخر. وتذكرت أيضا كيف هز رأسه بالنفي قائلا: «لا يا حبيبتي» «إن هدفنا الأسمى هو خدمة إنسانية ، لذا تحتم على من يبقى منا بعد الآخر إتمام الرسالة»وتذكرت «ماري» هذه الكلمات الخالدة ، وبعد شهر من الحادث ، عينت أستاذة في الكرسي الذي كان يشغله زوجها بجامعة السربون بالاضافة إلى المحاضرات التي كانت تلقيها في الجامعة. وظلت تعمل دون هوادة في البحث عن فعاليات الراديوم و لكونها اجنبية و ملحده قد حصلت على انتقادات بدافع الكراهيه في الصحافة وقد اشيع ان ماري على علاقة بالعالم لانجفان احد تلاميذ زوجها مما تسبب في فضيحة صحفية استخدمت ضدها أثناء ترشحها كعضو للاكاديمية. في عام1911 نالت جائزة نوبل في الكيمياء للمرة الثانية قد ساعدت ماري الجيش الفرنسي بالحرب العالمية الأولى بتجهيز عربات فيها إشعاع سيني و أنتجت كذلك ابره فيها فيض الراديوم و هو غاز مشع ينبعذث من الراديوم لتعقيم المصابين و تشير التقارير إلى أنه تم علاج اكثر من مليون جندي في الحرب وفي عام 1934 توفيت ماري كوري بسبب تعرضها للمواد المشعه و أصابتها بمرض فقر الدم اللاتنسجي ودفنت بجانب زوجها بيير وفي عام 1935 حصلت ابنتها على جائزة نوبل في الكيمياء و صارت ابنتها عالمة عظيمة مثل امها
اعداد الموضوع: Dreamland